حكاية حسام ||

{title}
أخبار الأردن -

احمد سميح السعودي 

 (متابعة شؤون حسام) كان هذا إسم المجموعة التي تم إنشاؤها على الواتساب بعد ظهور آخر تقرير طبي يفيد بإصابة حسام بأشرس وأسرع الأورام انتشاراً وأكثرها فتكا و إيلاما ، ضمت هذه المجموعة إخوة حسام أو من ينوب عنهم من الاحفاد ، ولأول مرة يتم استبعاد حسام من أن يكون بين إخوته ، ويمنع من تقديم رأيه و مشورته وهو اصلا لا يعرف عن هذه المجموعة شيئاً، رغم أن كل شيء يكتب فيها يمسه ، فهو مركز الحديث فيها ،وتقاريره الطبية وملفاته بداخلها ، كانت هذه المجموعة بمثابة غرفة العمليات ففيها تنظيم وترتيب أوراق مراجعات حسام ، و زيارته ومرافقته وأوراقه منذ اليوم الأول لحالة حسام .

 

أفتتح أبو اليمان هذه المجموعة بكلمات مؤثرة ، تحوي أن حسام أولاً ،وأن علينا إيقاف حياتنا من أجل اخينا ، فهو اغلى ما نملك ،وهو اغلى علينا من أنفسنا وأولادنا ، نزلت هذه الكلمات كالصاعقة الهوجاء على قلوب إخوته لأنها تحمل بين ثناياها تساؤلات كثيرة ليس لها إجابة إلا الرضا بما قدر الله عز وجل.

 

قُدّر يا حسام أن يكون ذلك الاصفرار الذي زار عينيك هو بداية النهاية ، بداية لحكاية الصابر المحتسب ونهاية لتلك الابتسامة والبشاشة التي ملأت محياك حتى حظيت بمحبة الناس صغارا وكبارا ، حكاية يجتمع فيها الصبر والشكر مع الأخوة والمودة ، وقد صاحب ذلك الاصفرار في العينين ألم خفيف في البطن ، وما كان يعلم ولا كنا أن بداخله معركة ساحتها جسده المثقل بملايين الخلايا الغريبة التي تنتظر دورها في الهجوم.

 

حسام ذلك الشاب الاربعيني الهادىء ، الصغير عمرا بين إخوانه والعظيم بخلقه وصفاته، والذي تلقى كل التقارير الأولية التي وصلت إليه بالحمد والرضا فلم يجزع ولم يقنط من رحمة الله تعالى بل كان صابرا راضيا بما قُدّر له ، ولقد كان أسبق منا في رفع الهمم وتقوية العزائم ، فما يزوره أحد ليجبر خاطره ، أو يصبره إلا خرج متعجباً من حجم إيمانه ، وكمية الرضا التي تعيشها نفسه المتعبة.

 

هاجمت تلك الخلايا الغريبة كبد حسام بكل قوة و بجيش شرس حتى اضحى متعباً على أسرة الشفاء، وما تركته حتى هاجمت القناة الصفراوية والبنكرياس والمرارة والمعدة ثم ذهبت تتجول هنا وهناك تبحث عن بقايا أعضاء تغزوها ، وتبسط نفوذها على كل جزء تصل إليه ، ولكن هل استسلم حسام أمام هذه الجحافل الجرارة من هذه الخلايا القاتلة ؟ لا ، بل كان مقاوما متسلحا بحمد الله وشكره وصبره ويقينه ، بل كان الامل يسري على كل جزء من تلك الاعضاء المحتلة.

 

كان حسام يتلقى تلك الضربات دون أن يُشّعِرَ أحد فينا أن الألم قد تجاوز كل شيء ، لكن أنفاسه كانت تقول الحمد لله والشكر لله ، كان حسام مدرسة في الصبر ، كان عظيما لدرجة أنني أراه امامي كمعجزة بهذا التحمل فلا يهديني رضاه إلا أن أعيش يوماً جديداً بأمل جديد أن يكون حسام بيننا ويمشي وتعود صحته إليه ، ولا يذكرني صبره إلا بقوله سبحانه وتعالى في الحديث عن أيوب عليه السلام" إنه كان صابراً نعم العبد أنه آواب" .

 

رحيل حسام بدد الصمت الذي نعيشه وحوله بين لحظة وضحاها إلى هشيما تذروه الرياح ، وأن نسيت فلن أنسَ لحظات ما قبل رحيله احداث متسارعة وأفكار متصارعة، تعيشها قلوبنا و عقولنا، ولقد وضعت أمامي كل الاحتمالات إلا احتمال رحيل حسام فقد كان الأمل يعيش بداخلي ، أن يعود كما كان ، ولقد عرفت بعدها لماذا وضعوا الأمل بجانب الألم ، فضياع الامل نتيجته الألم ، جلست أمام هاتفي أرى ما يكتب أبو مجاهد وأبو أوس وابو انس وكلامهما فيه شيء من الخوف ، وكلما كتبوا حرفا كنت ارتجف بشدة ، خوفاً أن يكون الرحيل هو سيد الموقف ، بقيت عند تلك اللحظة ذلك الشخص القوي الذي يتلقى المكالمات من الاحفاد ارجوهم أن يكملوا دعائهم ولا يتوقفوا فحسام وضعه حرج ويتراجع بشكل متسارع والخوف لدي يزيد والأمل يضعف شيئا فشيئا ، حتى أصبحت كل مخاوفي صحيحة فرحيل حسام أتى ببكاء مصطفى ونحيب أبي كرم .

 

أما اخوالي سامي، محمد ، احمد ، ابراهيم ، خليل ، خالد ، ام معاذ وأمي ام عامر فكانوا حكاية لوحدهم ، حكاية اخوة بذلوا انفسهم واوقاتهم واموالهم من اجل اخيهم ، فكانوا نموذج في البر ، حسام كان مدار تفكيرهم ومركز رعايتهم واهتمامهم ولم أرَ في حياتي ولم أسمع عن إخوة يبذلون كل وقتهم وجهدهم من أجل أخيهم كما رأيت من اخوة حسام.

 

يا حسام اكمل الحكاية بأخوتك أبو معاذ وابو احمد وابو مجاهد وابو اليمان وابو انس وابو اوس ، ألم تلاحظ شيئاً! فلم تعد اصغرهم.

 

اكمل الحكاية بزوجتك وأولادك عاصم وحازم ومرح و وسن وزيد .

 

اكمل الحكاية بصديقك عبيد الله وشريف وصفوان ونوح وبجميع اصحابك واصدقائك وزملائك .

 

اكمل الحكاية بمن زارك مرة في ضانا محمد الربابعة وبقيت ساكناً في وجدانه ، وبقيت استقبل كل تساؤلاته عنك.

 

اكمل الحكاية بأحفاد الحاج عطية والحاجة عائشة ابو كرم وعمر وبلال وحمزة ومعاذ و معاوية ومعن ومجاهد و إمام واليمان وعبادة واسيد و انس واسامة و محمد و اوس واحمد وإبراهيم و عامر ومحمد وسلمان وعبيدة و معاذ ومحمد ومصطفى وعبد الرحمن وجميع الحفيدات واحفاد الابناء والبنات .

 

اكمل الحكاية لشباب بصيرا الذين رحلوا قبلك وزرعوا فينا ألما ووجعا وابلغهم سلاما لمعاذ عبد المعطي ومنذر ظاهر وخالد سليمان و بدر عيسى ، وبكر ابراهيم العريني والشيخ خالد احمد و. د.رامي عيال سلمان وطارق النخاطين والنقيب لؤي ابراهيم المزايدة وعلاء الدين احمد و د. مروان و. د . محمد محمود محسن و ماهر عبد السلام و الشهيد يزن هاني ، ومعاوية محمود سمور و انس احمد مضعان وليث احمد سالم وم. محمود سليمان الزيدانين وعصام محمد عقيل و احمد محمود عقيل ومحمد عوض العودات واشرف احمد اعطي واياد النخاطين ومعالي ابو همام وإبراهيم القليلات واسامة ومحمد ومجاهد ابناء احمد الرماضين وعامر حابس ومحمد شوكت ولجميع الراحلين.

 

يا حسام تم إيقاف تلك المجموعة واصبحت ذكرى نرى فيها املنا وألمنا ودعائنا لك.

 

رحم الله خالي حسام ورحم الله جميع امواتنا واموات المسلمين ورحم الله شهداء غزة وتقبلهم الله

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير